أسئلة وإجابات (23)
استشارات المشاكل النفسية لدى الأطفال:
-
نرجو منكم التكرم بتعريف مرض التوحد و أعراضه و إمكانية علاجه و مدي نسب الشفاء منه إن شاء الله.
مرض التوحد من الأمراض النادرة ، و أول من وصفه هو الدكتور كانر عام 1946م ، و لذا كان يعرف بمتلازمة كانر حتى سبعينات القرن الماضي ، و لا شك أنه مرض معيق يصيب الأطفال و لابد من تشخيصه قبل أن يصل عمر الطفل 30 شهراً ، و لهذا المرض درجات و هو يتفاوت في حدته ، أما السمات الأساسية له فهي:
• عدم تكوين و تطور اللغة و القدرة على التخاطب لدى الطفل ، و في بعض الحالات تكون مكونات اللغة ضعيفة و بسيطة جداً ، أو ربما تستعمل اللغة رغم بساطتها بصورة خاطئة ، فعلى سبيل المثال حين يشير الطفل لنفسه بدل أن يقول (أنا) يقول (أنت).
• معاملة الناس كالأشياء و الجمادات ، فالطفل لا مشاعر له و لا يستجيب لحنان الأم مثلاً ، و هذا يعتبر من الأعراض المهمة جداً و المزعجة.
• إتباع نمط روتيني واحد في كل شيء ، و الاحتجاج الشديد إذا حاول أحد أن يغير ذلك.
• وجود تخلف عقلي في 70% من الحالات.
• وجود أعراض أخرى مثل الصراخ دون سبب و كثرة الحركة و انعدام الانتباه و التركيز.
بالنسبة لعلاج هذا المرض ، فالمرتكز الأساسي هو تأهيل الطفل ، و لابد أن يكون ذلك في مراكز خاصة ، و الركائز الأساسية لهذا العلاج هي:
➀ العمل على تطوير اللغة و تغير السلوك.
➁ يوجد علاج دوائي لزيادة الحركة ، كما أن بعض الأدوية التي تزيد من إفراز مادة السيروتونين في المخ قد جربت في العلاج و لكن هنالك نتائج محدودة.
⛿ أما نسب الشفاء فهي تتراوح ما بين 10 إلى 30% حسب إمكانيات المركز العلاجي ، و إذا لم تتكون مكونات اللغة عند عمر الخمس سنوات تعتبر إمكانيات التحسن ضئيلة. -
ابني مصاب بالتوحد مع تخلف عقلي ، و لم ينطق رغم بلوغه 3 سنوات ، و قد علمنا بالأمر منذ 6 أشهر فأصابتنا صدمة ، علماً بأننا نهتم بطفلنا كثيراً و نخاف عليه ، ونحن نقيم في دولة أجنبية دون عائلتنا ، و زوجي يعمل لساعات طويلة خارج المنزل ، و لدي طفلة عمرها 7 أشهر ، و أخاف أن تؤثر اللغة الأجنبية في المدارس الخاصة على سرعة تقدمه ، لأني شعرت بتحسنه قليلاً خلال عودتنا الصيف الماضي ، فهل أعود مع أطفالي إلى بلدنا دون زوجي؟ و كيف أتعامل مع الوضع الحالي و مع طفلي؟
لا شك أن تشخيص علة التوحد في الأطفال يكون وقعها صعبًا على الوالدين في أول وهلة ، و لكن لابد من الصبر و احتساب الأجر في ذلك ، و الإنسان لا يتقبل مثل هذا التشخيص خاصة أن علة التوحد حتى وقت قريب كان يعتقد أنها من أصعب الحالات التي تصيب الأطفال ، و لا يمكن أن تقدم أي مساعدة للأطفال الذين يعانون من هذه الحالة ، و لكن اتضح أن هذا غير صحيح لأن كثيرًا من الأطفال الذين يعانون من علة التوحد يمكن مساعدتهم.
علمًا بأن التوحد في حد ذاته له درجات متفاوتة في الشدة ، و من سماته الأساسية افتقاد تطور اللغة ، كما أن الطفل يتجنب التفاعل الوجداني و يعامل الناس كالأشياء أو كالجمادات ، و غالب هؤلاء الأطفال يعانون من تخلف عقلي ، و توجد سمات أخرى كالرتابة و الطقوسية في بعض الأفعال التي يقوم بها الطفل.
و علاج التوحد الآن هو علاج اختصاصي ، و هناك مراكز تعليمية تنتهج مناهج علم النفس السلوكي هي التي تقدم المساعدة لمثل هؤلاء الأطفال ، فالذي أنصح به هو أن لا ترجعي إلى بلدك ، لأن ذلك فيه عدم استقرار بالنسبة للأسرة ، و لكن أي اتفاق يتم بينك و بين زوجك هو الذي يجب أن يُطبق ، ربما يكون الأحسن هو مقابلة المختص.
و أثق تمامًا أنه لابد أن تكون هناك مراكز مختصصة في البلد الذي تعيشون فيه ، و إذا استوعب أحد هذه المراكز الطفل فهذا يعتبر أمرًا جيدًا ، و حتى لو تعلم الطفل اللغة الأجنبية أو تم تدريبه سلوكيًا حسب لغة البلد فأعتقد أنه لا بأس في ذلك لأنكم في حالة اضطرار ، و بعد أن يتقدم الطفل لغويًا و يكتسب بعض المعارف يمكنكم في البيت أيضًا أن تتحدثوا معه باللغة العربية ، و هذا لن يكون صعبًا إذا استوعب الطفل اللغة التعليمية التي سوف يعلمه إياها المختصّون و المدربون في علة التوحد لدى الأطفال.
و إذا كانت هناك مدارس مختصة في علاج مثل هذه العلة فهذا هو الشيء الأفضل و الأحسن بالنسبة للطفل ، و أما إذا كانت هناك مدارس خاصة عادية فلابد أن تشرحي حالة الطفل للمسئولين بالمدرسة ، و لابد أن يتم تقييم الطفل هل سوف يستطيع الاستفادة من هذه المدرسة أم لا ، و إذا اتضح أن الطفل لن يستطيع الاستفادة من المدرسة فسوف تقوم إدارة المدرسة بتوجيهك إلى المدرسة التي تستوعب الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة.
و العلاج السلوكي في المنزل مهم جدًا ، و لكن هذا لابد أن يتم بعد أن يقوم المدرب أو المعلم الذي ينتهج أصول علم النفس السلوكي بإعطائكم التعليمات و التوجيهات التطبيقية لحالة الطفل و حسب ما يناسبه ، و هذه التعليمات تقوم على تكرار المعلومة و على تنشيط التفاعل الوجداني لدى الطفل بتعليمه الابتسامة و كيف يتعامل مع الآخرين ، و بتحفيزه على السلوك الإيجابي و تدعيم هذا السلوك الإيجابي بتكراره ، و محاولة تقليص السلوك السلبي بتجنبه و إضعافه حتى يتلاشى ، و ذلك بجعل الطفل ينغمس أكثر في المسلك الإيجابي.
و فى بعض الحالات يعطى الأطفال أيضًا بعض الأدوية المحسنة للسلوك ، و لكن لا زال هذا الابن - حفظه الله تعالى - صغيرًا و لا تظهر عليه اضطرابات سلوكية كالاندفاعية و كثرة الحركة و التي نشاهدها في بعض الأحيان لدى هؤلاء الأطفال.
⛿ و عمومًا عليكما بالصبر و عليكما بالدعاء و عليكما أن تأخذا بالأسباب ، و هي أخذ الطفل إلى المراكز المختصة و تطبيق الإرشادات اللازمة فيما يخص تدريب و تعليم الطفل ، و لا أرى أن هناك داع لأن تذهبي إلى بلدك إلا إذا كان هذا هو الذي يراه زوجك أيضًا لأن الاستقرار الأسري هام جدًا فى مثل هذه الحالات. -
أنا أحب الوحدة و ذلك يرجع إلى إحساسي بأن أبوي قاسيان نوعاً ما ، فعندما أريد شيئاً و لو بسيطاً مثل ملابس ، لا يتحقق إلا بصعوبة ، و لذلك فأنا أحياناً أصفهما بالبخل ، و أحياناً أكره نفسي ، فأحاول أن أسلي نفسي بأشياء ، أنا غير مرتاحة نفسياً الآن ، ماذا أفعل؟
من المعلوم أن حب الآباء و الأمهات للأبناء هو أمر غريزي و فطري ، و لكن حب الأبناء لآبائهم و أمهاتهم هو أمر مكتسب لدرجة كبيرة.
من أهم الأشياء التي يُمكن من خلالها تحسين علاقتك بوالديك هو الحوار و التواصل معهما ، و العمل على برهما و توقيرهما ، و موضوع البخل و الكرم هما أمران نسبيان ، يتفاوتان بين الناس من حيث المفهوم و الأسلوب ، و المطلوب هو أن يتكيف الإنسان مع واقعه.
أنصحك بأن تقللي و تقلصي من مشاعرك السلبية نحو والديك ، و عليك أن تتخيري الأوقات و المناسبات التي يكون فيها الوالد مثلاً حسن المزاج ، ثم تتقدمي أو تسأليه عما تطلبينه بمعقولية و ذوق ، و في المقابل لابد أن تقومي بتقديم شيء لوالديك مثل إبداء العطف ، و حسن التصرف و الطاعة.
أنت أيضاً في حاجة إلى أن تحددي أهدافك في الحياة ، ثم تعملي على إيجاد الوسائل المنطقية التي توصلك لهذه الأهداف.
أما بالنسبة للوحدة فيمكن التغلب عليها بحسن المعشر ، و التواصل ، و الإحساس بقيمة الذات ، و التمسك بالعبادات. -
لدي طفل متعب جداً ، كثير البكاء و يميل إلى العنف ، و أحس أن لديه غلاً من باقى الأطفال ، لا يريد أن يلعب معه الأطفال ، و لا أن يلمسوا ألعابه ، و لكني أحس أنه غاية في الذكاء ، مع العلم أن أباه و أمه منفصلان ، و قد تربى مع أمه سنة و كانت تعامله بقسوة ، و كان لا يفعل معها ما يفعله معنا الآن ، و لما رأيناه يفعل ذلك ، قلنا له هل تريد العودة إلى أمك؟ فقال لا ! لأنها كانت تضربني هي و من حولها ، فهل هذه حالة نفسية ، أم أنه طفل عادي؟
إن هذا الطفل لم يُذكر عمره ، و الأطفال لديهم سلوكيات و تفاعلات و انفعالات مرتبطة بالمرحلة العمرية ، و هذا الطفل يميل كما ذكرت إلى البكاء و كذلك العنف ، و لديه مشاعر و نزعات سالبة حيال الأطفال الآخرين ، و لكنه بفضل الله تعالى يتمتع بدرجة عالية من الذكاء.
لا شك أن انفصال الأبوين يعتبر أمرًا سلبيًا و غير مريح أبدًا من الناحية التربوية بالنسبة للطفل ، و لكن يمكن أن تكون هنالك علاقات تعويضية تربوية جيدة ، تعوض للطفل ما افتقده من الرعاية الوالدية المباشرة.
إن هذا الطفل بتصرفاته هذه ربما يكون يحتج على وضعه الحالي و ليس على وضعه السابق ، و لا أوجه أي نوع من اللوم على أي جهة ، و لكن مثل هذه الانفعالات و الدفاعات و النزعات السلبية للطفل تشير إلى أنه يحتج ، أو أنه يريد أن يُسمع صوته و أن يعامل بصورة معينة ، ربما يكون باحثًا أيضًا عن المزيد من العناية و الرعاية و لفت و شد الانتباه.
و عمومًا فإن سلوك الطفل يمكن أن يعدل ، و يعدل السلوك بتجاهل هذه السلوكيات السالبة ، أعرف أن بعضها قد يصعب تجاهلها ، و لكن إذا تجاهلنا 60 إلى 70 بالمائة من سلوك الطفل غير المرضي هذا ، فإنه إن شاء الله يؤدي إلى إضعاف هذا السلوك ، و في نفس الوقت نقوم ببناء سلوك أكثر إيجابية و ذلك بترغيب الطفل و تحفيزه و إثابته لأي عمل إيجابي يقوم به.
و بالنسبة للأطفال من عمر 4 حتى عمر 8 مثلاً ، فإن طريقة النجوم هي طريقة ممتازة جدًا ، و كما هو معلوم فإنه يُشرح للطفل و يُتفق معه أن أي عمل أو تصرف إيجابي يقوم به سوف يكسبه ثلاثة نجوم مثلًا ، و أي عمل سلبي يقوم به سوف يؤدي إلى سحب نجمة أو نجمتين مما اكتسبه ، و تحدد لكل نجمة قيمة ، و في نهاية الأسبوع مثلاً تُستبدل النجوم التي اكتسبها بهدية معقولة حسب عدد النجوم الذي اكتسبه بالطبع ، و حسب القيمة المتفق عليها.
هذه الطريقة إذا طُبقت بصورة صحيحة ، و حاولنا أن نضع نجومًا للطفل متى ما اكتسب سلوكًا إيجابيًا أو قام به ، و نسحبها منه عند السلوك السلبي ، كما يجب أن ننبهه لذلك أنه الآن قد كسب نجمة و هذا شيء جيد ، و يجب أن يكون هناك ثناء عليه في وقت وضع النجوم ، و يمكن هو أن يشارك في وضع هذه النجوم ، و في وقت سحبها يمكن أن يُوبخ قليلًا و تُسحب منه النجوم ، و هكذا.
هذه طريقة جيدة و طريقة فاعلة ، فأرجو أن تطبق على هذا الطفل ، و ليس هناك طرق أسلم من طرق التحفيز و الترغيب و التجاهل ، و هذا ما اتفق عليه علماء السلوك ، و الأمر الآخر هو أن ننظر إلى ما هو إيجابي حول هذا الطفل و نحاول أن ننميه.
⛿ كما يجب أن يتاح للطفل اللعب مع بقية الأطفال ، حتى و إن كان لديه مشاعر سالبة حيالهم ، إلا أنه إن شاء الله بالاستمرارية سوف يغير و يعدل من سلوكه.
و التركيز على الألعاب الحركية ذات القيمة التعليمية سوف يكون أيضًا أمرًا مفيدًا و جيدًا بالنسبة له. -
طفلي يضرب رأسه بأي شيء في لعبه و هو يضحك ، حتى عندما يغضب!
إنك لم تذكر عمر الطفل ، و بصفة عامة مثل هذه التصرفات قد تكون طبيعية في بعض الأطفال ، و لكن في بعضهم قد تكون تعبير عن وجود علة مرضية مثل التخلف العقلي ، حيث قد يظهر الطفل بهذه الطريقة ، و توجد أيضًا متلازمات مرضية أخرى قد تظهر بهذه الصورة ، و لكن الأغلب هو أن هذه الحالات تعتبر حالات طبيعية في ارتقاء و تطوير الأطفال.
⛿ إذا كان الأمر بالصعوبة و الكثافة و الخطورة على الطفل فيجب أن يعرض الطفل على أخصائي الأطفال ليقوم بتقييمه من الناحية الجسدية ، و كذلك من الناحية المعرفية ، و يعرف أيضًا مستوى ذكائه. -
ولدي عمره 3 سنوات ، و عندما رزقنا به كانت فرحتنا كبيرة لأنه أول طفل لي و لزوجي ، ثم أنجبت أخت زوجي طفلاً فأحبه أهل زوجي أكثر من طفلي ، و تغيرت معاملتهم له فصاروا ينفعلون عليه و يعنفونه ، و لكني كنت ألاعبه و أعطيه كل ما يريد.
و بعد أن أنجبت أخاً له منذ خمسة أشهر بدأت شخصيته تتغير ، و رغم أني لا أحمل طفلي الثاني كثيراً ، و أترك خادمتي تهتم به ، إلا أنه أصبح عصبياً جداً ، و في فترة الأربعين من ولادتي كان يبكي يومياً صباحاً فقط ، و مهما حملته و تكلمت معه لا يسكت ، و قد تغيرت طباعه ، فعندما أرفض له طلباً فإنه يصرخ و يرمي كل شيء موجود بالغرفة و يصبح وجهه أحمر و يحك بأسنانه ، و قد حاولت معه كثيراً و لم أستطع أن أهدئ نفسه ، فماذا أفعل؟
إن الظاهرة التي تتحدثين عنها و هي ظاهرة الغيرة بين الأطفال تعتبر ظاهرة طبيعية إلى حد كبير ، فابنك البكر تعود و تطبع على وضع معين ، و حين ولدت أخاه أصبح من الطبيعي أن لا يُعطى له نفس الانتباه ، أو حتى لو أعطي له نفس الانتباه السابق فإنه يشعر في داخلة نفسه أن هناك قادم جديد ، و هذا القادم الجديد سوف يكون منافسًا له في أشياء كثيرة.
و تحدث هذه الظاهرة أكثر إذا تمتع الطفل الأول بنوع زائد من التدليل و الاهتمام ، فإذا تحقق للطفل كل رغباته و زيادة فسوف تكون طريقته أنه دائمًا يتوقع أن يُعطى أكثر ، حتى و لو كان هو محط الاهتمام إلا أنه سيطلب المزيد.
فأنصحك بأن تقومي بشيء من التجاهل لتصرفاته ، و أعرف أن ذلك ربما يكون صعبًا و قاسيًا عليك ، و لكن النصيحة التربوية الصحيحة هي أن تتجاهلي صراخه و أن تتجاهلي عصبيته قدر المستطاع ، و لا أقول أن تحرميه ، و لكن يجب أن توضع حدود فيما يخص تحفيزه و تشجعيه ، فإذا قام بأي فعل إيجابي فيحفز و يشجع ، و أما إذا كانت أفعاله تتسم بالسلبية و الصراخ و محاولة شد الانتباه فيكون التجاهل هو الأفضل ، و هذه هي الطريقة التربوية الصحيحة.
و يجب أن يُعامل الطفل من جانب والده و الآخرين أيضًا بنفس المستوى ، فإذا لجأت للتجاهل فيجب أن يتعاون الآخرون معك في هذا السياق و لا يقومون بالإغداق على الطفل و تحقيق كل ما يريد ، فلابد أن يكون نمط المعاملة التربوية واحدًا.
و لابد أن يكافأ الطفل دون أن يتوقع المكافأة ، فإذا قام بأي تصرف إيجابي فنكافئه باحتضانه و تقبيله و بالابتسامة في وجهه و باللعب معه و إعطائه الهدايا البسيطة ، و هكذا.
و أما حك الأسنان فقد تكون هي دليلًا على بعض القلق البسيط ، و هذا يسمى بعصاب الطفولة ، و لكنه ينتهي تلقائيًا إن شاء الله ، فأرجو أن تطمئني أن ابنك سوف يكون طبيعيًا.
و عليك أن تتيحي لابنك الفرصة للعب و الاختلاط بأطفال آخرين في عمره أو أكبر منه قليلًا ، فهذا أيضًا سوف ينمي قدراته و مهاراته ، و سوف يقارن نفسه بالأطفال الآخرين و سوف يكون أقل في مطالبه و لا يحاول أن يشد انتباهكم نحوه.
و الشيء الأخير هو أن تجعلوا له نصيبًا في العناية بأخيه الصغير ، فحاولوا أن تقربوا بينه و بين أخيه الأصغر ، فيطلب منه على سبيل المثال إحضار ملابس أخيه أو أي أمر يتعلق بأخيه الأصغر ، فحين يشعر أنه أصبح جزءًا من عملية الاهتمام بشقيقه الأصغر ، فهذا سوف يعطيه نوعًا من الاعتبار النفسي الذاتي ، و قد وجد أيضًا أنه يقلل من الغيرة و يجعل الطفل أكثر هدوءًا.
و أما بالنسبة للاحمرار في الوجه فهذا يدل على تدفق الدم في الوجه بصورة أكبر ، و هذا تعبير جسدي ناتج عن الانفعال ، و هي عملية فسيولوجية طبيعية في مثل هذه الأحوال.
⛿ فهذه هي الخطوات التربوية السلوكية المطلوبة في مثل هذه الأحوال ، فلا تنزعجي لصراخه ، فهذا ينتهي بتجاهل هذا السلوك إن شاء الله. -
ابني عمره خمس سنوات ، و هو على حالة عصبية جداً ، يضربني و يشتمني ، و لا يريدني حتى أن أبقى في البيت ، و يقول لي اذهبي من البيت ! أنت لست بأمي ، أو هو يريد الخروج من البيت لأنه لا يطيقني ، و حاولت معه بالحنان و بالشدة ، و لكن الحالة تسوء ، و أنا لا أعرف ماذا أعمل معه!
لست أدري هل كنت متضايقة من هذا الطفل في أشهر الحمل؟ و هل جاء وأنت ترغبين فيه؟ لأن الطفل يشعر بذلك و يعبر عنه قبل خروجه من بطن الأم و بعد خروجه ، و هل كانت هناك مشاكل في أيام الحمل مع الزوج خاصة أو مع غيره؟ ، و هل يوجد في إخوانك و أخوالك من هو عصبي؟ و أين أنت و زوجك من العصبية؟ ، و هل هناك من يشارك في توجيه الطفل و تربيته غير الأب كالجدات أو الخالات و العمات؟ ، و هل عند هذا الطفل أمراض مزمنة؟ ، و هل هناك من أقرانه الأطفال من يعمل هذه الحركات ليفوز بعطف و حنان و اهتمام؟ فإنه ربما كان يحاكي و يقلد.
و لا شك أن الإجابة على التساؤلات السابقة تفتح أبوابًا كثيرة في فهم هذه الحالة التي يمر بها هذا الطفل ، و أرجو أن نبدأ مسيرة العلاج باللجوء إلى من يملك الشفاء و يعيد للنفوس طمأنينتها و الهناء ، كما نتمنى أن يجد هذا الطفل اللمسات الحانية و أن يشعر بحبك له رغم تمرده و عصبيته ، و حبذا لو سمع ذلك بطريق غير مباشر ، كأن تكلمي من يحب بأنك تحبين فلانًا - طفلك - لأنه ابنك العزيز و أنه طفل ممتاز لو ترك كثرة البكاء ، و أنا أفكر في تقديم هدايا يحبها له عندما يترك ما يفعله.
و أتمنى أيضًا أن يشارك الجميع في تذكير هذا الطفل بأنك والدته ، و أن الله أعد الجنة لمن يطيع أمه و في الجنة كذا و كذا من الأشياء الجميلة ، و من الضروري كذلك أن يكون هناك منهج موحد في التوجيه ، فلا يعطيه الأب ما منعته منه الأم ، و لا تقول الجدة عند بكائه لماذا و كيف؟ فإن التربية الناجحة تقوم على أسس واضحة ، و على منهج موحد في التوجيه ، و بوجود مربين يدفعون في اتجاه واحد ، و الطفل يتضرر من كل تناقض في المنهج و كل تضارب في وجهات النظر.
و أرجو أن تعلمي أننا نخطئ عندما نجعل الطفل يفهم الأشياء التي يغيظنا لأنه سوف يمارسها على سبيل العناد ، و حتى يلفت أنظار الضيوف إليه و يرغمنا إلى أن نهتم بأمره ، و يفرحه أن نغتم و نتكلم و نتشكي من أفعاله و تصرفاته ، و خير علاج لذلك هو التغافل و الإهمال ، فلا تعطي الموضوع أكبر من حجمه ، و عندما يعرف أن الأمر لا يزعجنا فسوف يتوقف فورًا ، و لا داعي للحرج ، فكل أسرة تعرف ممارسات الأطفال ، و لا عيب في البكاء أمام الناس ، و لكل أسرة مشكلة من نوع آخر ، و إذا سخروا من طفلنا فإن الله سيبتليهم بمثله.
و أرجو أن يسمع منك قرارات حاسمة ، كأن تقولي يا فلان إذا فعلت كذا و كذا فلن تذهب للحدائق العامة و لن تزور كذا ، و ذلك للأشياء التي يحبها ، و لا نبالي بدموعه في هذه الحالة ، و شجعي كل خطوة إلى الأمام ، و ضخمي كل تحسن و لو كان يسيرًا.
⛿ كما أرجو أن يباح لهذا الطفل مزيد من الاحتكاك مع الأطفال ، و أظن أن هذه الصورة سوف تتغير بذهابه للروضة ثم المدرسة لأنه سوف يدخل إلى حياته آخرون. -
ما هو العمل حيال ابني الذي عمره 11 سنة ، و الذي عنده خوف من الظلام و خوف بأن ينام قبله الآخرون ، لأنه في غرفة مع أخته الصغيرة و عمرها 8 سنوات ، و يتلاشى هذا كله إذا نام معنا في الغرفة أو مع جدته في غرفتها.
من المعروف أن الخوف من الظلام و الخوف من الحيوانات هي من أكثر أنواع المخاوف التي يُعاني منها الأطفال ، و لابد أن يكون الخوف قد أصاب هذا الطفل نسبةً لتجارب سلبية في الصغر ، و يعرف أن هذه المخاوف تختفي بالتدريج.
هنالك عدة طرق لأن يتحسن الطفل نذكرها فيما يلى:
➀ نحاول أن نبني شخصيته و هذا ضروري جدًا ، فلابد أن نشجعه ، و لابد أن نحفزه ، و لابد أن نجعله يعتمد على نفسه ، و لابد أن يرتب ملابسه في الخزانة ، و لابد أن يتعلم كيف يدير شؤونه ، لابد أن نعطيه الثقة في نفسه ، و ذلك بأن نستشيره حتى في بعض الأمور الأسرية ، و أن نجعله - على سبيل المثال - يقابل الضيوف ، و أن نعطيه المهام حتى حين تذهب الأسرة إلى التسوق فنستشيره و نجعله يساهم في اختيار المتطلبات المنزلية ، و أن يقوم بدفع المبلغ المطلوب لدى البائع ... و هكذا.
فهذه الأمور البسيطة تدعم الثقة في النفس و تقوي شخصية الطفل ، فهذه يجب أن تركز عليها كثيرًا.
➁ يجب أن تتاح الفرصة الكاملة للطفل بأن يتعلم مع أقرانه ، و أن يقضي معهم وقتًا معلومًا ، فإن الطفل يتعلم من الطفل ، خاصة الطفل الذي في عمره ، و هذا ضروري.
و لابد أيضًا من أن يمارس أي نوع من الرياضة ، مثل لعب الكرة و خلافه ، فهذا أيضًا يبني لديه العزيمة و يرفع من طاقاته الجسدية و من طاقاته النفسية.
➂ يأتي بعد ذلك الشرح للطفل ، فهذا الطفل يستطيع أن يستوعب ، و أنا أحسب أنه يتمتع بدرجة طبيعية من الذكاء ، فهذا الطفل يمكن أن يُشرح له ، فاحكي له قصصاً عن نفسك أنك كنت تخاف قليلاً من الظلام و لكن في عمر السابعة تخلصت من ذلك تمامًا ، فاحكي له أنه في ليلة من الليالي انقطع التيار الكهربائي و كنت وحدك في المنزل ... و هكذا ، قل هذه القصص للطفل و اجعله يستوعب أنه ليس الوحيد الذي قد ينتابه الخوف من الظلام ، و في نفس الوقت كيفية التخلص من الظلام.
و اجعله دائمًا يشعر بأنه دائمًا تحت رعاية الله ، حتى و إن كان المكان ظلامًا ، و لكنه في حرز الله و حفظ الله تعالى ، فهذا ضروري جدًا في إيصال هذا المعنى إليه.
➃ من المستحسن أيضًا ألا تترك الطفل دائمًا ملتصقاً بك أو بوالدته أو بجدته ، فلابد أن تكون هنالك مسافة جغرافية في أثناء النهار ، فأنا أتصور أن هذا الطفل لا يخاف من الظلام فحسب إنما يخاف من الفراق أيضاً ، فإذا جعلت هنالك مسافات و مساحات بينكم و بينه في أثناء النهار فهذا سوف يقلل من هذا الشعور.
➄ ما دام يبلغ من العمر أحد عشر و أخته في الثامنة ، فبالطبع لابد أن يفرق بينهما في المضاجع في هذا العمر ، و الذي أراه هو أن يُترك الطفل وحده في الغرفة و تكون الإضاءة موجودة ، و بعد ذلك يُطفأ النور و يكون هو لازال مستيقظًا و بعد خمس دقائق تعاد الإضاءة ، ثم تطفَأ الإضاءة مرة أخرى ثم تعاد الإضاءة حتى يعرف أن الفرق بين الظلام و بين النور ليس كثيرًا ... و هكذا.
➅ أيضًا يجب أن يحفز الطفل و يشجع ، و طريقة النجوم من الطرق الجيدة جدًا في هذا العمر ، بمعنى أن الطفل إذا قام بعملٍ إيجابي فإنه يكافأ بأن يُعطى ثلاث نجمات ، و إذا قام بأي عمل سلبي خاصةً إذا أصر أن ينام معكم أو مع جدته هنا تسحب منه النجوم ، و بالطبع يُشرح للطفل مسبقًا أنه سوف يستبدل مجموع النجوم التي سوف يتحصل عليها بهدية مفضلة في نهاية الأسبوع.
هذه هي المبادئ السلوكية العامة لأن يتحسن هذا الطفل و أن يقوي من شخصيته ، و لابد أن تطبق هذه المبادئ السلوكية من جميع أفراد الأسرة ، بمعنى أن لا نريد أن تكون هنالك مسافة بينك و بينه و يذهب لوالدته و تحتضنه ، فهذا ليس صحيحًا ، فيجب أن يكون مستوى المعاملة واحد ، و بتشجيعه و تحفيزه و الشرح له - إن شاء الله تعالى - سيتحسن.
يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي ، فهنالك من يرى أن للأدوية دورًا بعد عمر العاشرة ، فهنالك عقار يعرف تجاريًا باسم (تفرانيل Tofranil) و يعرف علميًا باسم (اميبرامين Imipramine) ، و هو من الأدوية القديمة ، يمكن أن يُعطى بجرعة عشرة مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة إلى أربعة أشهر ، و حتى الأدوية الجديدة الآن هنالك أبحاث تدل أنها يمكن أن تكون مفيدة ، فهنالك عقار يعرف تجاريًا باسم (سبرالكس Cipralex) و يعرف علميًا باسم (استالوبرام Escitalopram) ، يمكن أن يعطى بجرعة خمسة مليجرام - و ليس أكثر من ذلك – ليلاً ، لمدة ثلاثة إلى أربعة أشهر أيضًا.
هذه الأدوية هي في الأصل أدوية مضادة للمخاوف و مضادة للقلق ، فيمكن أن يُجرب أحد هذين الدوائين ، و هي أدوية سليمة و ليست ذات آثار جانبية ، فقط ربما يزيد النوم لدى الطفل قليلاً.
⛿ إذاً هذه هي الإرشادات التي أرجو أن تكون مقنعة ، و أرجو أن تطبق ، و إن شاء الله سوف يجني هذا الابن فائدةً كبيرة منها. -
ابني البالغ من العمر 7 سنين يخاف من الظلام ، و يتوهم أموراً ليست في الواقع ، حتى إنه يشتد بكاؤه في الليل بشكل مستمر ، و رغم محاولاتي الجادة في الحوار معه ، و إضاءة الغرفة ، و الأخذ بيده حتى يرى أن ما يتخيله ليس في الواقع ، إلا أن هذه الأساليب لم تنفع معه ، بل و تطور الأمر عنده حتى يبقى طوال الليل مستيقظاً مترقباً مع البكاء بصوت منخفض ، و المحاولة جاهداً بإخفاء ذلك.
مع العلم أنه ينام معه أخوان له يصغرونه في العمر ، و لكن ليس فيهم أي عرض من هذه الأعراض التي تظهر عليه ، بل العكس ينهضون وحدهم و يذهبون إلى الحمام - أكرمكم الله - و يشربون الماء في الليل على عكسه هو.
هذا الابن - حفظه الله - قد اكتسب الخوف من الظلام ، و ربما يكون ذلك نتيجة لتجربة ما قد مر بها ، المخاوف من الظلام و الحيوانات كثيرة ، و تعتبر طبيعية لدى الأطفال ، و لكن حين تكون شديدة للدرجة المعيقة فلابد من التدخل لمساعدة الطفل ، و ما تقوم به أنت من أخذه للمكان الذي يخاف منه لإقناعه بأنه لا يوجد ما يخيفه هو واحد من العلاجات السلوكية الجيدة ، و لابد لذلك أن يستمر.
و طرق العلاج الأخرى تتمثل في الآتي:
➀ محاولة بناء شخصية الطفل بصورة عامة ، و ذلك بإشعاره بأهميته ، و أن يطلب منه القيام ببعض المهام داخل المنزل ، و تشجيعه على ذلك ، و جعله يساعد أخويه و يعطى صفة المشرف عليهما في بعض الشؤون الخاصة بهما.
➁ جعل إحدى الغرف مظلمة في أثناء النهار ، و الجلوس معه في تلك الغرفة ، و مناقشة الفرق بين الضوء و الظلام ، و إشعاره أنه لا فرق بين الاثنين ، و بعد الجلوس معه في هذه الغرفة لفترة يترك جالساً وحده في نفس الغرفة ، و يكون ذلك لمدة معقولة.
➂ الاستفادة من وقت الغروب ، و أن يشرح له كيف تغرب الشمس ، و كيف يأتي الظلام.
➃ إرساله للذهاب للمناطق الأقل ضوءاً بالمنزل ، و ذلك بحجة أن يحضر شيئاً ما منها.
➄ التشجيع المستمر له ، و جعله مستقلاً في شخصيته بعض الشيء ، و أن لا يكون كثير الاحتكاك بوالديه.
➅ جعله يلتقي بالأطفال الآخرين ، و يا حبذا لو كان ذلك ليلاً ، و في ساحة قليلة الضوء ، مع المراقبة بالطبع.
➆ الدراسات تشير أن العقار الذي يعرف باسم تفرانيل يفيد كثيراً في علاج المخاوف لدى الأطفال ، فيمكن محاولة هذا العقار و إعطاءه له بجرعة 10 مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر ، علماً بأن هذا الدواء سليم بهذه الجرعة بالنسبة للأطفال في هذا العمر.
⛿ أرجو عدم القلق ، فمعظم مخاوف الطفولة تنتهي تلقائياً بعد فترة من الزمن. -
لدي طفل عمره 7 سنوات يخاف أن ينام بمفرده ليلاً ، مع العلم أننا نمنعه من مشاهدة مناظر العنف و الشر الموجودة في البرامج التلفزيونية ، و نقرأ له القرآن قبل أن ينام ، و مع ذلك فهو لا ينام بمفره أبداً ، و لو قسونا عليه فإنه يظل يبكي طيلة الليل و يرفع صوته بالبكاء ، فما الحل؟!
الأطفال أحياناً لظروف معينة في البيت أو نوع من التعود أو التطبع يكون الطفل مقترن جداً بوالديه أحدهما أو كليهما ، و هذا يجعله يطالب دائماً بهذه الرفقة و يخاف إذا افتقد هذه الرفقة ، و خاصةً ليلاً.
و هذا الطفل في عمر 7 سنوات يستوعب ، فيجب أن يشرح له ما هو الخوف ، و يجب أن تحكى له بعض القصص عن الأبطال و الشجعان و عن الفرسان الذين كانوا يذهبون في الظلام و خلافه ، فهذا إن شاء الله سوف يقرب إلى ذهنه أن الخوف ليس من السمات التي يجب أن يتحلى بها الإنسان.
كما أرجو أن يشجع الطفل على أن تبنى شخصيته و تكون بصفة جيدة ، و ذلك بأن نعطيه بعض المهام و بأن نشعره أنه فعال في الأسرة و أن نستشيره حتى في بعض الأمور الأسرية ، و لابد أن يتعلم أن يرتب و ينظم ملابسه و يهتم بهندامه و كتبه ، فهذه آليات مهمة جداً لبناء الشخصية ، و حين تبنى الشخصية يقل الخوف أياً كان نوعه.
و يجب أن تتدرجوا معه لإزالة الخوف ، فأثناء النهار اطلبوا منه أن يظل في الغرفة وحده لفترة نصف ساعة مثلاً ، ثم بعد ذلك يمكن أن يشجع بكلمة طيبة أو يعطى هدية بسيطة و هكذا ، و بعد ذلك يترك في الغرفة ليلاً وحده مع وجود ضوء خافت و تكونون أنتم على سبيل المثال جالسين في الصالة و خلافه ، و هو يعرف أن الهدف من بقائه هو العلاج ، يعني لابد أن يوضح له و يقال له أنك أنت ممتاز و شجاع ، و لكن حتى نزيل هذا الخوف لابد أن نطبق هذه الطرق حتى تساعدك.
و أعتقد أن الطفل ربما يحتج و يستنكر إذا ترك وحده ، و لكن سوف يتعود إن شاء الله ، أي تكون هناك مقدمات تمهيدية ، و هي الآليات التي ذكرتها لك ، و بعد ذلك يترك و ينام وحده حتى لو صرخ و بكى و احتج ، فهذا الاحتجاج إن شاء الله سوف يختفي بعد مرتين أو ثلاث.
لكن المهم أن تكون عواطفكم قوية و ثابتة و أن لا تستكينوا لصرخات الطفل و بكائه فهذا أمر تربوي ضروري جداً ، كما أن المعاملة من جانب الأم و الأب لابد أن تكون واحدة ، أي أن يكون التطبيق السلوكي منسجماً ، و سوف يكون من الخطأ أن ينتهج أحدكما منهج الشدة و الآخر منهج اللين ، فهذا يؤدي إلى إخفاقات كثيرة في تكوين الشخصية لدى الطفل ، كما أنه سوف يستغل هذا الموقف.
و من الآليات السلوكية أيضاً هي أن يقال له أنك سوف تُعطى نجوماً - و هذه النجوم هي نوع من المكافآت - إذا نمت وحدك هذه الليلة ، و سوف تعطى على سبيل المثال أربع نجوم ، و توضع هذه النجوم في غرفته ، و إذا بكيت سوف نسحب منك نجمة أو نجمتين ، و يكون هنالك اتفاق معه أنها في نهاية الأسبوع سوف تستبدل هذه النجوم حسب عددها و حجمها بهدية بسيطة من الأشياء التي يحبها ، فهذه التمارين السلوكية أيضاً ناجحة و فعالة.
كما يمكن أيضاً الاستفادة من إخوانه إذا كان لديه إخوان ، فيمكن أن ينام أحد إخوانه معه ، فهذا أيضاً يساعد ، و إن لم يوجد من ينام معه ، يمكن أن تعطى أمثلة عن طريق الأطفال الذين يعرفهم ، قولوا له الطفل فلان الفلاني و سموه باسمه نعرف أنه ينام وحده منذ أن كان عمره 4 سنوات على سبيل المثال ، و أكثروا من القصص له ، القصص التي تخص الأطفال و القصص التي تحمل البطولة ، و عموماً الخوف في الأطفال أمر محدود جداً ، و ينتهي في الكثير من الحالات بانتهاء المرحلة العمرية المعينة ، إذاً هو أمر مكتسب ، و سوف يختفي بتطبيق التمارين السلوكية السابقة الذكر إن شاء الله. -
ابني عمره 3.5 سنة ، لاحظت منذ عدة أسابيع أن ابني يضع يديه داخل سرواله و يعبث بأعضائه التناسلية إذا كان سرحان ، أو عندما يخجل إذا رأى شخصاً غريباً ، ثم تطورت الحالة فأصبح يضع يديه دائماً إذا لم يكن مشغولاً بشيء ، كالأكل أو اللعب ، أنا و زوجي نحاول أن نتبع أسلوباً حكيماً بأن نحاول أن نحول انتباهه إلى شيء آخر ، أو نعطيه وظيفة تجعل يديه مشغولتين ، لكن يعود و يضعها حيث كانت بعد أن يكمل ما طلبناه منه.
زوجي بدأ يحاول أن يستخدم أسلوباً أشد كالتعنيف أو التهديد بالضرب علماً بأننا لا نستخدم هذا الأسلوب إلا نادراً ، و أنا أحاول أن أبين لابني أن هذه الحركة من فعل الشيطان ، و أن الأطفال السيئون يفعلون ذلك.
يعدني ألا يكررها لكنه سرعان ما ينسى و يعود ، مع العلم أن ابني يقضي ساعات طويلة في الحضانة ، و يقضي معي و مع وأبيه بضع ساعات في اليوم حيث أننا نعيش حالياً في دولة غربية نظراً لظروف دراستي و التي ستمتد لعدة سنوات حتى يبلغ ابني الخامسة ثم نعود لبلادنا الإسلامية.
لا أدري هل هذا التصرف عبارة عن رسالة للفت الانتباه له؟ أم أن هذه مشكلة نفسية بحاجة لعلاج؟ أم أني أتجاهل الأمر؟! رغم أن ذلك يسبب إحراجاً اجتماعياً لي و لزوجي.
هذا السلوك الذي يبدر من هذا الابن يشخصه البعض بأنه نوع من الطقوس الوسواسية ، الأطفال لديهم بعض النمطية أو إتباع المنهج الواحد كأن يكون للطفل لعبة مثلاً يتركها في حضنه لينام عليها ، أو لابد أن يلبس لباسًا معينًا أو غطاء معينًا أو يتجه اتجاهًا معينًا ، أو يحرك جزءًا من جسمه قبل النوم ، هذه الأنماط الطقوسية شخصها بعض العلماء بأنها وسواسية و هي تختفي بعد مرحلة عمرية معينة ، و لا داعي لأن ينزعج الآباء منها.
أما بالنسبة للعب الطفل أو تلاعبه بعضوه الذكري فهذا ربما يكون مزعجًا بعض الشيء ، و لكنه أيضًا ربما يأتي تحت السياق الوسواسي ، هنالك بعض الأطفال تكون لديهم التهابات بسيطة في المجاري البولية ، و هنالك قد يعتقد البعض أنه ربما يكون لديهم ارتفاع في نسبة الأملاح في البول ، و هذا يؤدي إلى نوع من الاستشعار الداخلي في السبيل مما يجعل الطفل يكون أكثر ارتياحًا حين يتلاعب بعضوه التناسلي ، و كثيرًا ما ننصح الآباء و الأمهات بإجراء فحص للبول على الأقل للتأكد من ذلك ، و إن وجد يمكن أن يعالج ، و لكن في معظم الحالات هي حالات وسواسية كما ذكرت.
أرى أن المنهج الذي قمتِ بإتباعه هو منهج صحيح و سليم ، و هي أن توجهي انتباه الطفل لفعل آخر حين يريد أن يتلاعب بعضوه التناسلي ، هذا شيء جميل ، و نحن الحقيقة نوصي به لأن بعض الأطفال يحدث لهم انتصاب في عضو الذكورة حتى في هذا العمر ، و هذا يؤدي إلى مزيد من الاستشعار لدى الطفل ، إذن أن يلفت نظر الطفل لنشاط آخر هذا أمر ممتاز.
الشيء الثاني هو النهي اللطيف ، أو التوبيخ اللطيف ، كما تفعلين أنتِ ، و هذا شيء جميل.
الشيء الثالث هو الترغيب بأن يعرض على الطفل نوع من البرنامج ، و أنا أفضل برنامج النجوم ، بأنه إذا قام بأي عمل إيجابي سوف تعطى له ثلاثة نجوم على سبيل المثال ، و يمكن لهذه النجوم أن تثبت بالقرب من سريره ، ثم بعد ذلك يخطر بأنه إذا قام بلمس عضوه التناسلي سوف يفقد عددًا معينًا من النجوم ، و يجب أن يعرف أنه سوف تكون له مكافئة معينة حسب عدد النجوم التي سوف يكتسبها ، و هذه المكافئة تكون من الشيء المفضل بالنسبة له ، هذا التمرين تمرين جيد و فعّال ، و قد نجح مع الكثيرين ، و لكنه يتطلب الصبر و المثابرة.
هنالك أيضًا التمرين الآخر و هو ما يعرف بـ (تايم أوت Time out) ، و في هذه الحالة كما تعلمين يمكن أن يعزل الطفل ، أقول للطفل أنك إذا قمت بالتلاعب بعضوك التناسلي فسوف توضع في الغرفة وحدك لمدة 10 دقائق أو ربع ساعة ، و هذا شيء يجعل الطفل حقيقة يتردد و يتوقف عن هذا السلوك ، لأن من الأشياء المملة جدا للطفل هو أن تعزله ، هذا نوع أيضًا من العلاج السلوكي.
أرى أن هذه العلاجات السلوكية إذا تمت و طبقت بصورة صحيحة مع الصبر عليها ، سوف إن شاء الله تفيد هذا الطفل حتى يتخلص من هذا الأمر ، و كما ذكرت لك هو أمر ربما ينتهي تلقائيًا أيضًا.
⛿ هذا هو الذي أراه و أرجو ألا تنزعجي كثيرًا لأن هذه الأمور محدودة و تختفي بالرغم من تعاطفي معكِ فيما ذكرته من حرج اجتماعي ، و لكن تطبيق التمارين السلوكية السابقة إن شاء الله سوف يزيلها. -
ابني يبلغ من العمر خمس سنوات و سبعة أشهر ، لاحظت منذ شهرين تقريباً أنه عندما يدخل الحمام لقضاء حاجة يلمس أو يلعب بالعضو التناسلي ، و عندما يراني يرفع يده بسرعة لكي لا أراه ، أخبرته أكثر من مرة أن هذا غلط و يمكن أن يسبب له ألماً أو مرضاً ، و لكنني لا أدري إن كان هذا طبيعياً من مبدأ أنه يكتشف جسده أو أن هذا ليس صحيحاً في هذه العمر؟ و لا أعرف هل أطلب من والده شرح وظائف الجسد و من ضمنها العضو التناسلي؟ و هل هذا وارد في هذه العمر؟ علماً أن ابني يتمتع بذكاء أكبر من عمره.
مثل هذه الملاعبات تحصل لدى بعض الأطفال ، و في البداية تكون أصلاً أسبابها عضوية ، مثل وجود التهاب بسيط في مجرى البول ، أو نوع من الحساسية أو الحكة في الجلدة الخارجية للعضو الذكري ، هذه تكون البداية في الكثير من الأطفال ، ثم بعد ذلك ربما يستمر الطفل في مداعبة و ملاعبة عضوه التناسلي.
كيفية مواجهة هذه الحالات هو أن يتم شرح الأمر بصورة مبسطة جداً للطفل أن هذا السلوك لا يُقبل من الناحية الاجتماعية دون أن نفزع الطفل أو نروّعه ، و في ذات الوقت يجب أن نشجع الطفل على أي تصرفات إيجابية أخرى.
المهم في الأمر الشرح له و بصورة مبسطة كما ذكرت ، مع بعض التجاهل ، بمعنى أن لا نركز التركيز الشديد على هذا السلوك ، و نتعامل معه على أنه شيء عرضي و سوف يزول لأن هذه هي حقيقة الأمر.
⛿ أنا أفضل أن يتم عمل تحليل البول بالنسبة للطفل للتأكد من عدم وجود أي نوع من الالتهابات أو الأملاح التي تجعل الطفل يقوم بهذا السلوك ، حيث أن قلةٍ قليلة من الأطفال تكون لديهم هذه العلة كما ذكرت. -
لدي طفلة تبلغ من العمر الآن خمسة أعوام ، و منذ كان عمرها ثلاث سنوات كانت تقوم بالاحتكاك بأي شيء صلب كالبلاط أو وسادةٍ خاصة عند النوم ، علماً بأني لم أختنها ، و قد عرضتها على طبيبة نساء و ولادة للتأكد من عدم وجود التهابات فتبين أنه ليس لديها أي التهابات - و لله الحمد - ، و أخبرتني بأنها لا تحتاج إلى ختان ، فما سبب هذه الحالة؟ و كيف أتصرف معها؟
إن التعامل مع هذه الظاهرة التى تصفينها يجب أن يكون بهدوء ، فلا نحاول أن نلفت نظر الطفلة إليها بأن ننهاها عن هذا الفعل ، و يجب عدم إظهار لفت الانتباه للطفلة لأن هذه الظاهرة ستختفي مع الوقت ، فالأمر مُطمئن و لا يستدعي القلق.
⛿ و هذه الظاهرة التي تصفينها تنتمي لبعض الظواهر النفسية التي تحدث للأطفال ، و غالباً لا تستلزم أي علاج ، و لكننا نحاول - فقط - أن نطمئن الأهل ، و نحاول أن لا نلفت نظر الطفل لها بوضوح ، و من الخطأ أن نكرر النهي عنها أو أن نعاقب الطفل على ذلك. -
ابني يعاني من عدم التركيز و السرحان في البيت و المدرسة. فهل توجد وسيلة لتشجيعه على التركيز و عدم السرحان؟ علماً بأنه يمارس رياضة السباحة بانتظام.
هذا الأمر الذي أشرت إليه و هو ضعف التركيز الذي لدى ولدك و كثرة السرحان الذي يصيبه هو أمر له أسبابه ، هذه العبارة هي الأقرب و هي أنه ضعيف التركيز و إن كان لديه قدر منه - بإذن الله عز و جل - فالسبب الذي يؤدي إلى مثل هذا النوع من ضعف الإمعان و التركيز عند المراجعة للدروس أو عند إلقاء المعلم للشرح راجع إلى أسباب محتملة ، و إن كنا نود تذكرى عمر ابنك و كذلك توضيح طبيعته من الناحية الأسرية التي يعيشها ، و كذلك الأنشطة التي قد يقوم بها و كذلك مدى مطالعاته للتلفاز أو الألعاب الأخرى التي يحب أن يلهو بها كالألعاب الآلية (الإلكترونية) و غير ذلك من الأمور ، لأن هذا يعين على إيضاح الأسباب التي تؤدي إلى هذا المعنى.
و المراد أن ضعف التركيز يحدث عادة تشتت الذهن ، و هذا كما أنه يوجد في الكبار يوجد كذلك في الصغار سواءً بسواء ، بل هو في الصغار أشد لأن طبيعة الطفل أنه يكون لاهيًا لاعبًا بفكره ، فهو يفكر في اللعب و يفكر في كثير من الأمور المسلية ، و ربما كذلك كانت الأسباب راجعة إلى بعض المشاكل التي يعاني منها خاصة إذا وجد عدم استقرار أسري مثلاً ، و هذا بحمد الله لا نظن أنه قائماً لديكم ، و إنما ذكرناه للبيان العام.
و من الأسباب أيضًا الإفراط في مشاهدة الأفلام و الألعاب الكرتونية لاسيما التي تؤدي إلى الخيال الواسع ، خاصة إذا كان مضافًا إليها الأصوات المثيرة و اللقطات التي تهيج الإنسان و تشد انتباهه ، فإن البحوث الاختصاصية تثبت أن ضعف التركيز في هذه الحالة يصيب الطلبة بل و يؤدي إلى أنواع من الأرق و ربما أدى إلى كثرة الخيال و السرحان ، و كل ذلك بسبب الإمعان في مثل هذه المشاهدات نظرًا لشدة الإثارة التي تحصل للطفل ، و هذا يدرك بأدنى إشارة ، فإن الإنسان مثلاً قد يشاهد بعض اللقطات التي تعرض على الشاشات و تظل ثابتة في مخيلته و ربما استحضرها و ربما كذلك استحضر الأصوات ، و هذا يحصل للكبار فضلاً عن الصغار.
و من الأسباب أيضًا وجود قدر من القلق لدى الطفل كالخوف من الامتحانات أو عدم الملاءمة بينه و بين بعض أساتذته أو بعض زملائه في المدرسة ، فكل ذلك من الأسباب قد التي تؤثر عليه.
و هذه الحالة التي لدى ولدك الحبيب تحتاج إلى رعاية الأسباب التي تعين على تقوية جانب التركيز لديه و إضعاف جانب السرحان الزائد الذي يعاني منه ، و إليك هذه الخطوات التي تعينه بإذنِ الله إعانة حسنة و لكن أيضًا مع الصبر حتى تجد الثمرة قريبًا بإذنِ الله:
➀ الانتباه إلى الأسباب التي أشرنا إليها و التي تضعف التركيز بحيث يكون هنالك عناية باختيار البرامج النافعة التي لا تؤدي إلى هذه الإثارة التي أشرنا إليها لاسيما ما يتعلق بالأصوات ، و كذلك تنظيم الوقت في مشاهدته للأفلام الكرتونية مثلاً و الألعاب الآلية (الإلكترونية) كألعاب الحاسوب - على سبيل المثال - فهذا لابد من تنظيم الوقت فيه ، و لابد أن يكون منظمًا بحيث لا يمعن فيه إمعانا يجعل ذهنه مركزًا عليه للأسباب التي أوضحنها في أول الكلام.
➁ تنمية القدرات التي تعينه على ضبط تركيزه ، فمن ذلك مثلا أنك قد تطلب منه أن يقرأ قطعة صغيرة بمقدار نصف صفحة ثم تطلب منه أن يحكي لك ماذا فهم منها ، و تبين له أنه إن قام بقراءتها قراءة حسنة و فهم المراد منها ، فإنك حينئذ سوف تكافئه بهدية لطيفة قد خبأتها له وراء ظهرك ، ثم بعد ذلك تتركه ليقرأ لوحده و تعود إليه بعد خمس دقائق مثلاً و تسأله: ماذا فهمت من هذا النص الذي قرأته؟
فهذا نوع من التحفيز على التركيز ، و من هذا أيضًا التعليم القرآني - و هو أقوى الأمور على الإطلاق - لأنه عندما يحاول حفظ شيء من كتاب الله عز و جل فإنه سوف يجلب ذهنه و تركيزه ليستقر المحفوظ في ذهنه ، فلا انتظام للمحفوظ إلا بوجود التركيز ، و هذا ينفع طفلك نفعًا عظيمًا ، فلو أنك جعلته يدخل مركز لتحفيظ القرآن ثم يأخذ بالتدرج كل يوم شيئًا يسيرًا من حفظ كتاب الله و تفهم المعلم أن المطلوب هو القدر اليسير و ليس الإكثار عليه ، فإنه سوف يستفيد فائدة عظيمة و ستجد أن قوة ذاكرته قد تحسنت ، فإن من المنصوص اختصاصًا أن الحافظة لها مران و تدرب على الحفظ ، فالذي يعتاد الحفظ يسهل عليه تحصيل المحفوظ في وقت أيسر ممن لم يعتده ، فإن للذهن رياضة كما أن للبدن رياضة ، و هذا أمر لو أنك استطعت أن تقوم به لوجدت أن ابنك - حفظه الله تعالى و رعاه - قد قفز قفزات بعيدة بإذنِ الله و رأيت منه ما تقر به عينك.
➂ أن تطلب منه أن يكتب بعض الكلمات التي يحسن كتابتها إملائيًا ، فإن هذا أيضًا يعين على التركيز و على أن يفكر فيما يكتبه و فيما يقوله ، و يمكن أن تطلب من أمه أن تساعده في البداية على أن تكون المساعدة في البداية قوية ثم تخففها الوالدة بالتدرج حتى تتركه تمامًا ليعتمد على نفسه.
➃ اختلاطه بالأطفال الذين في مثل عمره و الذين لديهم نباهة و حسن فهم ، فإن هذا يصقل من قدراته و يعينه أيضًا على أن يقتدي بزملائه ، و هذا يمكن أن يستخدم فيه أسلوب المسابقة الأدبية مثلاً أو أسلوب التحفيز الذي أشرنا إليه أولاً فيقوى بذلك - بإذن الله عز و جل - في هذا الجانب.
➄ الحرص على اصطحابه إلى بيت الله لأداء الصلاة ، فإنه بذلك يتعود على أن يكون ساكنًا هادئًا ، و وجوده في بيت الله يخرجه من جو الضوضاء و الضجيج الذي قد يكون في محيطه الدراسي عند اللعب مع الأولاد أو يكون في البيت لاسيما مع إخوانه و أخواته - إن وجدوا مثلاً - ، فبقاؤه في بيت الله يهذب نفسه و يعينه أيضًا على الاستماع إلى قراءة الإمام عند التلاوة و على أداء الصلاة بحركات منضبطة ، فكل ذلك يجمع بإذن الله فهمه و عقله و يحسن أدائه تحسيناً حسناً.
➅ إشباعه عاطفيًا بمعنى أن يكون لوالده و لوالدته ضمٌ له على صدرها و مسحٌ على رأسه و تقبيلٌ له ، و كل ذلك باقتصاد واعتدال. -
ابني يبلغ من العمر 11 عاماً لديه عدم تركيز فيما يطلب منه ، مثل حل واجباته و حفظ جدول الضرب ، و عند تدريسه في المدرسة نسأله ماذا أخذت فيقول نسيت ، و عندما أدرسه في البيت وأعطيه المعلومة أسأله عنها بعد خمس دقائق فيقول نسيت.
و هذه الحالة سببت له تأخراً دراسياً و لا أدري ما السبب؟
يجب أن ننظر إلى سبب تأخره الدراسي ، و الذي ربما يكون ناتجًا من عدم الرغبة في التحصيل الدراسي ، و ذلك لأن بيئة المدرسة ربما تكون غير مشجعة له ، أو ربما يكون هذا الابن لديه مشكلة في التركيز ، و التي تنتج من الإفراط في الحركة و زيادتها ، و هذه علة طبية نفسية معروفة ، و السبب الثالث هو أن ضعف التحصيل الدراسي يكون ناتجًا من ضعف عام في المقدرات المعرفية ، و التي تعكس مستوى الذكاء لدى الطفل.
حيث إن بعض الأطفال قد يكون لديهم مقدرات في أمور معينة و تضعف مقدراتهم في أمور أخرى معينة أيضًا ، و هؤلاء أيضًا يمكن أن يندرجوا تحت مسمى انخفاض الذكاء ، و الأمر الآخر هو أن يكون الطفل عاديًا من ناحية مقدرته و ذكائه ، أي أنه طبيعي ، و لكن نسبة لضعف رغبته في الدراسة ذاتها و عدم استشعاره بأهميتها ، كما أن افتقاد الوسائط التي تحببه للدراسة ، هذا ربما أيضًا يؤثر على التركيز في الغالب ، و يكون من الصعوبة عليه التركيز ، و قد ينشغل في أمور أخرى مثل الألعاب أو الحاسب الآلي.
و يجب أن نلتفت إلى المهارات الحياتية الأخرى ، هل ابنك يقوم بنفس الأشياء التي يقوم بها بقية الأطفال في عمره ، و ذكائه العاطفي أي طريقة تعامله مع أقرانه في عمره ، و التعامل مع الوالدين ... و هكذا.
فهذه مهارات ضرورية لتحديد درجة المقدرات المعرفية لدى الطفل ، و هناك أيضًا ما نسميه بالتواؤم الاجتماعي ، أي أن سنه الفكري يوائم ما هو مطلوب اجتماعي أم لا ، أيضًا هنالك ما يسمى التواؤم الوجداني أو العاطفي ، كيف يتفاعل مع الأحداث مثل الأفراح أو الأحزان أو الغضب ، هذه كلها مقاييس مهمة لتحديد المعرفة الشخصية لهذا الابن.
و من هذا المنطلق أقترح بأن تذهب بابنك إلى أخصائي نفسي ليقوم بإجراء اختبارات الذكاء بالنسبة له ، و اختبارات المقدرات التعليمية الخاصة ، لأن هناك ضعف في المقدرات لدى بعض الأطفال في حروف الهجاء مثلاً ، أو هناك ضعف في الإملاء ، و البعض قد يعاني من ضعف في الرياضيات و تكون له مقدرات عالية في بقية المواد ، و هكذا ، هناك عدة أمور طبية أعتقد أنه لا يستطيع أن يقوم بها إلا شخص متمرس و أخصائي في تلك الأمور ، فالذي أنصحك به أن تذهب بابنك إلى الأخصائي النفسي ليقوم بتقييم و تقدير نسبة ذكائه ، و كذلك تواؤمه الوجداني و العاطفي و الاجتماعي.
⛿ و أيا كانت النتائج فإن هناك أمورا تربوية مهمة ، و هو أن ترغبه في المدرسة ، و أن تشد من أزره ، و أن تُشعره بأهميته ، و أن تكون هنالك دوافع قوية و ذلك بتشجيعه و تحفيزه و ترغيبه بكل ما هو مطلوب و معروف في هذه المرحلة ، و أن تتجنبوا الانتقاد بقدر المستطاع ، و يجب أن يساعد في إدارة وقته ، كما أنه من الضروري أن تتاح له فرصة للعب مع أقرانه و المشاركة في نشاط رياضي ، و أن تخصص له وقتاً معيناً للدراسة ، وأعتقد أن الأخصائي النفسي سوف يقوم بتقييمه فيما يخص ذكائه ، و سوف يسدي لك إن شاء الله أيضًا الكثير من النصائح التربوية. -
ابنتي تضع إصبعها الكبير في فمها و هي نائمة ليلاً ، و عندما نخرجه من فمها فإنها تضعه مرة أخرى ، علماً أن عمرها 4 سنوات ، و هذا السلوك يحدث منذ ستة أشهر فقط ، فما سبب ذلك؟
في الماضي كان ينظر إلى مص الأصابع و قضم الأظافر لدى الأطفال بأنه ربما يكون دليلاً على إصابتهم بنوع من القلق أو الحالات النفسية المشابهة ، أو أن هذه الحالات و التغيرات النفسية سوف تحدث لهم بعد أن يكبروا ، و لكن هذه النظريات اتضح الآن أنها غير صحيحة.
فوضع الطفل إصبعه في فمه ما هو إلا نوع من التعود و الاستشعار الذاتي ، و قد يحدث ذلك حتى في بداية النوم - المرحلة الأولى من النوم - و ليس أثناء النوم العميق.
⛿ و أرجو التأكد من أن الطفل لا يعاني من التهابات في اللثة ، و هذه العادة سوف تنتهي تلقائياً ، و إذا كانت مزعجة حقاً فيمكن مسك يد الطفل و إخراجها حين يضعها في فمه و ذلك لمدة كافية حتى نتأكد أنه قد دخل في النوم العميق ، و بتكرار ذلك سوف ينتهي هذا المسلك التعودي ، و هناك من يقوم بربط يد الطفل أو يضع مادة حامضة و منفرة على إصبعه ، و لكني لا أؤيد مثل هذا الأسلوب. -
لدي طفل عمره 3 سنوات ، منذ أن كان عمره سنتين و هو يمارس عادة مص اللسان مع فتح الفم - لدرجة أن شكل فمه تغير- و ذلك طول الوقت حتى أثناء النوم ، و أيضاً يصدر صوت من فمه أثناء المص ، و بدأ مؤخراً بممارسة عادة جديدة ، و هي أنه يدلك رقبته بيده أثناء جلوسه غير منشغل بشيء ، حتى أنني أحرج أمام الناس.
لا أعرف سبب ذلك ، و أيضاً كيف أتصرف معه حتى يوقف هذه العادات السيئة؟ ، مع العلم أنه خجول بعض الشي، و قليل الكلام مع الغريب لكنه ليس انطوائي.
عادة مص اللسان أو مص الأصابع أو تقليم الأظافر ظاهرة كثيرة الشيوع عند الأطفال ، و تكاد تكون عملية سلوكية عادية يقوم بها كل طفل تقريباً مع تفاوت الأطفال في ما بينهم بإتباع هذه العادات التي يجدون فيها لذة و إشباعاً لحاجتهم.
و ظاهرة مص اللسان من الحركات الشبه دائمة التي تشغل معظم أوقات الطفل ، و هي عبارة عن بؤرة يتمركز فيها النشاط العصبي غير الموجه ، و ترجع أسباب هذه الظاهرة إلى أن الطفل يستعمله بقصد الاستغراق في أحلام اليقظة ، و هي أيضاً نوع من التلذذ الجسماني الذاتي.
و يمكن علاج هذه الظاهرة بالخطوات التالية:
• لا يمكن استعمال القمع مع طفلك لأنه سرعان ما تظهر توترات بأساليب تعبيرية أخرى.
• استخدام الأسلوب الإيحائي كتسجيل شريط يوضع عند سرير الطفل يحل عبارة لن أمص لساني فهذه عادة قذرة.
• إرشادات شفوية من طرف الوالدين و الحديث برفق عن مساوئ هذه العادة.
• توفير وسائل النشاط المختلفة للطفل ، و إتاحة الفرصة له لممارستها و تخليصه من مشاعر الخوف المتزايدة.
• أما بالنسبة لظاهرة الخجل عند طفلك فحاولي أن تجعليه يحتك بأطفال الجيران و يشاركهم في اللعب.
• إذا كان بالإمكان أيضاً أخذه إلى أماكن التسلية و الترفيه و ترك الحرية له في المشي و الحركة مع مراقبته عن بعد. -
لدي ابنة في التاسعة من عمرها ألاحظ عليها منذ فترة الصراخ الشديد أثناء النوم العميق ، و حدث هذا خاصة بعد ولادة أخيها بسنة ، فهي تكون طبيعية جداً و تقول أذكار النوم قبل أن تنام و لكن ما أن تنام بعمق حتى تبدأ بالصراخ و الكلام الذي يكون كأنها تتعارك مع أحد ، و هذه الحالة ليست يومية ، و عندما تقوم من النوم لا تتذكر شيئاً ، فما سبب هذا؟
إن هذه الحالة التي أشرت إليها ليست بحالة نادرة أو شاذة ، فإن كثيرًا من الأطفال يقع لهم مثل هذه الأحوال في حال نومهم ، و هذا عادة ما يكون بعد سن السادسة فما فوق ، فإن طبيعة الأحلام التي قد تعرض للطفل في مثل هذه المرحلة قد تتخذ صورة مفزعة تجعل الطفل يصيح في نومه أو يبكي أو يظهر عليه آثار الألم عند نومه كالتأوه و التوجع و الصراخ و نحو ذلك.
و في كثير من الحالات يكون السبب راجعًا إلى مشاهد تستقر في خيال الطفل خاصة المشاهد المرعبة التي تراها في التلفاز أو في بعض الصور أو حتى في الواقع ، خاصة إذا كان هنالك نوعًا من المشاهد التي تتميز بإظهار ناحية الخوف و الرعب حتى و لو كان ذلك في الرسوم المتحركة ، فإن من هذه الرسوم مشاهد يصاحبها إيقاعات تترك أثرًا واضحًا مفزعًا في نفس الطفل ، فلابد من الانتباه إلى هذا الجانب كما سيأتي قريبًا إن شاء الله تعالى.
و من الأسباب أيضًا حصول الغيرة الشديدة من أخيها الصغير ، فهي تراه مثلاً يصرخ فحينئذ تقومين أنت بحمله و مداعبته و ضمه ، فمثل هذا الحال قد يترك في نفسها أثرًا فيستقر هذا المعنى حتى يظهر في حال نومها ، و هذا أيضًا سبب له واجهته.
و المقصود أنه لا داعي للخوف و القلق من هذه الحالة ، و إن كان الاهتمام بها أيضًا و ملاحظتها أمرين مطلوبين.
و أما عن الخطوات في علاج هذه الحالة فهي خطوات سهلة ميسورة و ستجدين بإذن الله تعالى أثرها ظاهرًا قريبًا ، نذكرها فيما يلى:
➀ ابعدى الطفلة عن أي مشاهد مفزعة سواء كان ذلك في التلفاز أو في الصور ، و انتقاء البرامج اللطيفة التي لا تدخل عليها فزعًا و انفعالات زائدة ، و هذا قد ثبت أثره في بحوث كثيرة في هذا المجال.
➁ المطلوب منك أن تولي ابنتك نوعًا من الاهتمام الذي يشعرها بدفء حنانك و جعلها تشعر أنك قريبة منها ، فمثلاً: في الأوقات المناسبة خذيها و احضنيها إلى صدرك و ضميها ضمًا لطيفًا يشعرها بدفء العلاقة بينكما ، لا سيما إن كان هذا عند الصباح أول الاستيقاظ و عند ذهابها إلى فراشها ، مع الانتباه الكامل أن تظهر هذه التصرفات على هيئة عفوية دون أن تكون ملحوظة مقصودة.
➂ مشاركتها في الألعاب مشاركة تشعرها بحبك و حنانك دون مبالغة في ذلك.
➃ العناية بتدفئتها عند النوم ، فإن للتدفئة عند النوم أثرًا في إذهاب الفزع و سكون النفس.
➄ عدم الصراخ عليها في أوقات النهار أو ضربها ضربًا يخفيها أو يفزعها ، بل عليكم باستخدام أسلوب الرفق معها مع العناية بجانب التربية في آن واحد.
➅ اختيار أوقات لفسحتها و التخفيف عنها لاسيما إذا كانت كثيرة الملل من البقاء في البيت ، فروِّحوا عنها بالفسحة و النزهة و التسلية المباحة.
➆ عدم الضغط عليها في أمور الدراسة و نحوها ، فانتبهوا للتخفيف عنها بحيث توجهونها التوجيه اللطيف دون أن يكون هنالك ضغط و تخويف بالرسوب و نحو ذلك.
⛿ و ختامًا فإننا نطمئنك أن هذه الحالة حالة ليست بالشاذة و إن كانت تستدعي أيضًا المتابعة ، و لكن لا داعي للقلق من هذا الأمر و عليكم بإتباع هذه الخطوات ، و الغالب بإذن الله تعالى أنكم ستجدون الأثر القريب بعد أسبوع أو أسبوعين بكرم الله و فضله. -
لدي طفل عمره سنة و تسعة أشهر ، يعاني من الخوف من الأصوات العالية و المرتفعة ، سواء بمزاح أو بغضب ، فعندما كان في عمر أشهر رأى عمتي تصرخ علي بصوت عالي جداً فانتابه خوف و قام بالصراخ المستمر و الصياح ، و بعدها انتابه ضيق في التنفس ، و أصبح يلازمه من تلك اللحظة ، لا أدري إذا كان هذا هو السبب أو لا؟
أرجو أن لا تنزعجي من خوف ابنك من الصوت العالي و الصراخ ، فالأطفال يعانون كثيرًا مما نسميه بالمخاوف البسيطة أو المبسطة ، و منها الأصوات العالية ، و الظلام ، و الحشرات ، و الحيوانات ، و الوجوه الغريبة.
هذه حقيقة مخاوف معروفة جدا لدى الأطفال ، و الأمر يكون - إن شاء الله - عرضيًا و ينتهي بمرور الأيام.
من أجل أن تساعدي ابنك أرجو أن تجعليه عرضة لبعض الأصوات غير المرتفعة ، مثلاً أحدثي صوتاً منخفضًا عن طريق مثلاً الضرب على جسم صلب أو استعمال أي لعبة تصدر منها أصوات ، و حين تعرضيه للصوت المنخفض حاولي في نفس الوقت أن تكوني متلاطفة معه و مبتسمة و تقبليه ، أي اربطي بين ما هو طيب و جميل و محبب للطفل و الصوت الذي صدر ، و بعد فترة ارفعي من معدل الصوت ، و قومي كذلك أيضًا بملاطفته و ترغيبه بلفت نظره لأي شيء يحبه.
و الهدف هو أن تعرضيه للصوت بالتدريج ، أن تبدئي بالصوت المنخفض ، و في نفس الوقت يكون هناك نوع مما نسميه بالارتباط الشرطي ، أي الصوت يُربط مع استشعار محبب لدى الطفل ، هذا - إن شاء الله - يؤدي إلى فك الارتباط الشرطي مع الخوف ، و هذه نظرية علمية سلوكية مبسطة و معروفة.
فأرجو أن تقومي بمثل هذه التمارين البسيطة ، و اجعلي أيضًا طفلك يندمج مع اللعبة ذات الفائدة التعليمية ، و اجعليه مثلاً هو يُحدث صوتاً بأن يقوم باللعب بإحدى ألعابه التي تصدر منها أصوات ... و هكذا.
⛿ إذاً الهدف هو أن نجعله يتواءم مع ما يخاف منه و يرهبه ، و إن كنت أرجع و أؤكد مرة أخرى أن هذه الصور السلوكية و التغيرات التي تحدث لدى الأطفال و انفعالاتهم هي كلها أمور وقتية و عارضة تزول بمرور الوقت إن شاء الله تعالى. -
طفلي عمره ثلاث سنوات و نصف ، و هو متمسك بأمه دائماً ، و قد حاولت إدخاله المدرسة في هذه السنة و لكنه يبكي عندما تخرج أمه من الفصل ، و لا يريد إلا أمه ، و قد حاولنا معه ثلاث مرات و لكنه مصمم على أن تكون أمه معه ، و قد قررنا عدم الذهاب إلى المدرسة ، و لكنه تغير فأصبح لا يفارق أمه أبداً ، حتى في البيت أو الحمام أو الصلاة ! فكيف نتعامل معه؟
إن هذا يعرف بقلق الفراق ، و هو معروف لدى الأطفال ، و غالبًا قد يكون الطفل عومل معاملة خاصة و كانت هناك عناية مطلقة به أو أنه هو الطفل الوحيد ، أو كان دائمًا يُستجاب لطلباته و هكذا.
و هذا ليس انتقادًا مطلقًا لأي منهج تربوي قد تكونون اتخذتموه أو سرتم عليه ، و لكن هذه هي الحقيقة ، و لا تعتبر حالة مرضية ، فالطفل متمسك بوالدته و لا يكره الروضة و إنما خوفاً من فراق الأم.
و خوف الفراق قد يكون متبادلاً في بعض الأحيان ، فالأم بصورة لا شعورية يكون لديها ما يعرف بعصاب الفراق ، فترفض أن تترك الطفل عندما يبكي ، و هذه الحالات يمكن علاجها بالتدريج بأن يُترك الطفل يبكي في الروضة ، هذا هو العلاج الصحيح ، فسوف يبكي مرة و مرتين و ثلاثة ، و إذا شُرح للمربيات أو المعلمات في داخل الروضة فسوف يراعون ذلك ، و بعد ذلك سوف يتهيأ الطفل و سوف يتواءم مع هذا الوضع الجديد ، و حين يكمل يومه الدراسي في الروضة يحفز بشيء بسيط ، و من أهمها احتضانه و تقبيله و هكذا ، هذه كلها وسائل جيدة و وسائل ممتازة.
و أما فيما يخص متابعته لوالدته في أثناء اليوم في داخل المنزل ، فلابد لوالدته أن لا تتفاعل معه مطلقًا ، فحين يتابعها تتجاهله ، لا تقول له لا تتبعني و في نفس الوقت لا تتفاعل معه وجدانيًا حتى لا يرتبط بها ، و بعد ذلك يُدرب أن يظل في غرفته لوقت بسيط كأن يُعطى لعبة أو أي شيء يشد انتباهه ، و بعد ذلك يُترك لمسافات أطول.
و لابد أن يعطى الفرصة أيضًا لأن يلعب مع بقية الأطفال ، فهذا أمر ضروري ، و هذا إن شاء الله سوف يساعده كثيرًا.
⛿ إذاً هذه ظاهرة طبيعية نراها كثيرًا و هي ما يسمى بقلق الفراق أو خوف الفراق ، و الطرق البسيطة التي ذكرتها لك هي طرق إرشادية معروفة سوف تساعد هذا الابن. -
لدي ابن عمره 3 سنوات رأى فجأة قطة على سلم العمارة و كان مع أمه و صرخا الاثنان سوياً ، و من وقتها لا يخرج من باب الشقة إلا بصحبة أمه و بيديها ، و أثناء ركوب السيارة لا أصف لك الرعب خوفاً من ظهور قطة ، و يبحث عنها بعينيه ، و لا يطمئن حتى يدخل السيارة ويغلق الباب بنفسه و بسرعة! كأن القطة تجري وراءه ، و هذه القصة مستمرة منذ ثلاثة أشهر.
مع العلم أنه لم يكن كذلك من قبل ، و جربت كل الطرق لترغيبه في الخروج معي بمفردي حتى أني آخذ أخاه الرضيع معي و لا يكون له ردة فعل!
إن ما حدث لهذا الابن - حفظه الله تعالى - ينطبق تمامًا على التجربة التي قام بها العالم السلوكي (وارسون) و الذي عرض طفلاً يبلغ من العمر أيضًا ثلاث سنوات إلى أحد الفئران البيضاء ، و كان هذا التعرض لهذا الفأر مفاجئ للطفل ، و من ثم تولد لدى الطفل الخوف من الفأر ، و هذا الحدث كان هو الذي جعل العلماء يتوسعون في علم النفس السلوكي ، و خلصوا إلى أن المخاوف مكتسبة و متعلمة ، و بعد ذلك أتت النظرية العلاجية التي تقول أن أفضل وسيلة للعلاج للمخاوف المكتسبة هو أن يعرض الشخص لمصدر خوفه و يمنع من استجابة الهروب أو عدم المواجهة.
الصورة التي أوضحتها هي صورة مثالية جداً لما يحدث في تعلم المخاوف ، و لا شك أن صرخة والدة الطفل في نفس الوقت كانت هي الداعم الأساسي لبناء خبرة الخوف لدى الابن.
العلاج إن شاء الله بسيط و هو ليس بالصعب و لكنه يتطلب الالتزام و التطبيق ، و أذكره فيما يلى:
➀ فأول طريقة للعلاج هي أن نحاول أن نحبب الطفل في الحيوانات بصفة عامة ، و ليس من الضروري أن يكون القط أحد هذه الحيوانات ، و أفضل أن تأخذ الطفل إلى حديقة الحيوان بصفة مستمرة بمعدل مرتين أو ثلاثة في الأسبوع ، و هذا نوع من التعريض.
➁ أرجو أن تجلب دمية في شكل قطة للطفل ، و اجعل والدته و كذلك أنت تلاطفه و تلعب معه و تحضن هذه الدمية و تجعل الطفل يقوم أيضًا بذلك ، هذا نوع من التعريض المتدرج ، و في نفس الوقت نقوم بجعل الطفل يشاهد صورًا للقطط ، و إذا كان هنالك أي إمكانية لجعله يشاهد صورًا عن طريق الفيديو أو صورًا متحركة للقطط و كيف أن القطة حيوان أليف و لطيف ، و هذا أيضًا يجعل الطفل يتقبل الأمر بالتدريج ، و لابد أن يحفز الطفل معنويًا في لحظة تعريضه لمصدر خوفه بأن يتم تقبيله و يحضن و يكافئ بأشياء عينية بسيطة.
يأتي الموضوع الآخر و هو التصاق الطفل بوالدته ، هذا الالتصاق الجغرافي و الوجداني أعتقد أيضًا أنه جزء كبير في المشكلة التي يعاني منها الطفل. هذا النوع من الملازمة من جانب الطفل لوالدته في كل الأوقات يدل على أنه يخاف مما نسميه بقلق الفراق أو الخوف من أن يعتريه مكروه إذا لم يكن بالقرب من والدته.
لا شك أن العلاج النظري و العملي هو أن تبتعد والدته منه بقدر المستطاع ، أعرف أن الطفل سوف يحتج و سوف يصرخ ، لكننا يجب أن نصبر على هذا الاحتجاج.
فعلى سبيل المثال يمكن أن تظل والدته داخل الغرفة و تغلق عليه الغرفة و لا تدعه يدخل ، دعه يضرب على الباب و يبكي و يصرخ ، بعد ذلك لا شك أن هذا الاحتجاج سوف يقل ، و يمكن للطفل أن يبحث عن خيارات أخرى ، بمعنى أن يبحث عن لعبة أو ربما يأتي إليك إذا كنت أنت موجوداً ، و بعد ذلك تتكون و تتطور لديه المقدرة على تحمل فراق والدته.
مثل هذه التمارين تحتاج إلى الصبر و تحتاج للتكرار ، و أنصح كذلك بأن تتاح للطفل فرصة بأن يختلط مع بقية الأطفال ، و هذا يعني بالرغم من أنه يبلغ من العمر ثلاث سنوات و لكن أعتقد انضمامه للروضة حتى و إن كان ذلك في سن مبكرة سوف يساعده كثيرًا في التخلص من قلق الفراق الذي يعاني منه ، أيضًا ربما يرفض الطفل الذهاب للروضة و لكن لابد أن نصر بأن يُؤخذ و يحمل إلى الروضة و يُترك هنالك حتى و إن صرخ و هرول خلف والدته أو من يأخذه إلى الروضة ، هذه الاحتجاجات غالبًا تنتهي بعد ثلاث أو أربع محاولات من جانب الطفل .. هذا علاج أساسي و ضروري و مفيد.
⛿ و أرجو أن تكون الفاضلة زوجتك حازمة بعض الشيء ، و يجب أن تقاوم عواطفها و وجدانها الذي بالطبع سوف يجعلها تنجر نحو إرضاء الطفل و عدم تحمل صراخه و احتجاجه ، لأنه بلا شك أن هذا النهج سوف يكون مضرا بالنسبة للطفل إذا تركنا له الاستمرار في هذه الاستجابات السالبة. -
طفلتي عمرها 3 سنوات ، و هي دائمة التقليد لأخيها الأكبر منها في كل شيء ، و هي تعي تماماً أنها بنت و هو ولد ، ولكنها تتصرف مثله تماماً ، و لها أيضاً تصرفات سلبية أخرى ، فهي تبكي لأتفه الأسباب ، و أحياناً أكون صبورة معها و لكن عندما يتم تكرار نفس الخطأ فلا أستطيع تمالك نفسي معها ، فكيف أستطيع أن أجعل لها شخصيتها المستقلة؟
إن هذه الطفلة تكثر من تقليد أخيها ، و هذا ربما يكون ناتجًا من أن الوقت الذي تقضيه مع أخيها في المنزل هو وقت طويل ، بحيث لا تجد فرصة للاحتكاك مع أطفال آخرين ، خاصة مع بنات من جنسها .. هذا ربما يكون هو السبب الأساسي.
و السبب الآخر ربما يكون لأخيها الشخصية القوية النافذة ، مما جعلها تكون مقلدة و متبعة له ، فإن تقليد الأطفال و إتباعهم لبعضهم البعض هي ظاهرة معروفة جدًا ، و نحن لا نتخوف كثيرًا بالنسبة لسلوك الأطفال فيما يخص جنسهم قبل عمر خمس سنوات ، حيث يحصل الكثير من التداخلات في التنشئة و التصرفات مما يصعب في بعض الأحيان التفريق بين سلوك الولد و سلوك البنت ، و لكن بعد عمر الخمس سنوات لابد أن تكون الأمور واضحة ، و لابد أن يلتزم الأبوان بأن تنشأ البنت كبنت و الولد كولد ، و هذا ضروري جدًا.
و هذه الطفلة محتاجة لنوع من الاستقلالية ، و ربما يتطلب الأمر منك بعض الجهد لتجعليها تقلدك أنت ، فحاولي على سبيل المثال أن تضعي ملابسها مع ملابسك و أن تجعليها تقوم بالأشياء التي تقوم بها الأنثى في حدود ما تدركه في هذا العمر.
و يمكنك أيضًا التركيز على الألعاب ذات الطابع الأنثوي أو الألعاب التي تناسب البنات ، فاجعلي لها دمية (لعبة) أنثوية تنشغل بها و تحاول على سبيل المثال أن تقوم بتنظيف و ترتيب و تمشيط شعر هذه الدمية و هكذا ، فإن هذا يبني لديها داخليًا نوعًا من التوجه نحو جنسها ، و إن كنت غير منزعج أبدًا في هذه السن لتحديد جنس الطفل.
و هناك أمر ضروري إتاحة الفرصة لها للالتقاء مع أطفال آخرين خاصة من جنسها ، و لكن عليكم المحاولة بالالتقاء بأسر مسلمة أخرى في نهاية الأسبوع ، و أعطوا البنت الحرية لكي تلعب مع الأطفال الآخرين ، و يجب أن لا يكون أخوها متواجدًا مع نفس المجموعة من الأطفال ، فإن هذا يعطيها القدرة على الاختلاط و التعرف على أطفال آخرين غير إخوانها.
و أرجو أيضًا أن تلجئي إلى تحفيزها ، فقومي على سبيل المثال بإعطائها شيئاً تطلبه و بعد ذلك قومي بتحفيزها أيضًا عن طريق الكلام و تقبيلها و احتضانها ، ثم اطلبي منها الشيء الذي قمت أنت بإعطائه لها ، و بعد أن تعطيك ما طلبته منها قومي أيضًا بتحفيزها و احتضانها و تقبيلها ، فهذا يبني فيها نوعًا من الاستقلالية و يبعدها قليلًا من تقليد أخيها.
و أما بالنسبة لكثرة البكاء فربما يكون هو تعبير عن الاحتجاج و محاولة لفت النظر ، و نحن ننصح في مثل هذه الحالات بتجاهل الطفل قدر المستطاع ، و أن نحفز الطفل و نشجعه لأي عمل إيجابي يقوم به ، و أعتقد أن تطبيق طريقة النجوم قد تكون مجدية مع هذه الطفلة في هذا العمر ، بمعنى أن أي عمل إيجابي تقوم به تعطى عدداً معيناً من النجوم كنوع من الحافز و تسحب منها نجوم معينة في حالة قيامها بأي فعل سلبي كالبكاء مثلاً ، و بعد ذلك يستبدل ما اكتسبته من نجوم بمكافئة معينة في نهاية الأسبوع.
⛿ و خلاصة الأمر هو أن هذه الطفلة محتاجة لأن تخصصي لها وقتاً أكثر ، و حاولي أن تعطيها الفرصة للالتقاء مع أطفال آخرين دون وجود أخيها ، و مارسي معها التجاهل كوسيلة علاجية لبعض التصرفات السلبية ، و حاولي أن تحفزيها و تبني فيها السلوك الإيجابي، حيث أن التحفيز هو أفضل وسيلة لتغيير السلوك. -
أخى الصغير عمره 11 سنة ، هو الأخ الوحيد و الأصغر بين خمس بنات ، يعاني من عدة مشاكل ، و قد لاحظت أنها بدأت تزداد في الفترة الأخيرة ، فهو إنسان خجول جداً في المجتمع ، و لا يملك أصدقاء ، كسول على الرغم من ذكائه في المدرسة ، و مستواه الدراسي ممتاز ، لكنه للأسف لا يملك الذكاء المطلوب لمواجهة الحياة فلا يستطيع الدفاع عن نفسه و لا يملك سرعة البديهة ، و دائما يقضي وقته أمام الرسوم المتحركة و ألعاب الفيديو ، و هو شخص بدين نسبة إلى سنه مما يسبب له الإحراج و سخرية زملائه في المدرسة.
و في الفترة القصيرة السابقة أصبح يعاني من مشاكل تتعلق بفضوله تجاه الجنس ، فهو يختلس النظر أحياناً إلى أخواته أثناء ارتدائهن ملابسهن ، و يحاول أن يبحث عن المواقع و الصور الخليعة ، كما أنه صارحني مؤخراً بأنه يمارس العادة السرية (الاستمناء) منذ سنتين تقريباً و هو متضايق من ذلك ، و طلب مني أن أحل مشكلته في أقرب وقت.
و المشكلة الكبيرة هي أنه لا يقتنع بالنصيحة و لا يملك قوة الإرادة ، و لا يريد أن يمارس الرياضة ، و لا يريد أن يحل واجباته المدرسية ، و يرحب بالغياب المدرسي في أي وقت ، و أحياناً أشعر أنه يتصف بالمادية و الغش و الكذب.
قد تكون المشكلة بسبب النظرة السلبية للنفس و التي نتجت بسبب عدة عوامل ، أولاها أنه قد ترعرع وسط أخواته البنات فقط ، و التي بالطبع لها تأثير سلبي أحياناً على تصرفاته و ما اعتاد عليه ، كما أن قلة الحركة و زيادة الوزن تلعب دوراً آخر في النظرة السلبية للنفس و فقدان الثقة ، و بالتالي ما تبع ذلك من ممارسات سلبية متراكمة ، و لابد له من تغيير نمط حياته.
فعليكم أولاً: اختيار مدرسة مناسبة تهتم بتنمية الثقة في النفس و تتفهم الحالة الخاصة بالطفل ، و هناك الكثير من المدارس الخاصة و التي تمتاز بهذه الخاصية مقارنة بالمدارس العامة التي تفتقد هذا الأمر ، كما لابد للأساتذة من التفهم لهذا الأمر و العمل مع الأسرة في مساعدة الطفل و بالتدريج تجدون التغيير إن شاء الله.
كما لابد من تحسين الصورة السلبية للنفس بالتحدث مع أشخاص أكبر سناً من العائلة أو والده أو أعمامه و إتاحة الفرصة له للمشاركة و النقاش و إبداء الرأي ، كما على الأسرة العمل على تحميل الطفل بعض المسؤولية مع المراقبة و أخذ رأيه و مشاركته في قرارات الأسرة.
و يمكن الاستفادة من خبرات معالج سلوكي لاختيار الوسائل المناسبة و التي تعتمد على طبيعة العائلة و الظروف المحيطة بها ، كما لابد من إخراج الطفل من المنزل بالمشاركة في نشاطات جماعية خارج المنزل مثل حفظ القرآن ، و التدريبات الجماعية مثل ممارسة الرياضات المختلفة مثل الكاراتيه و غيره.
و الهدف ليس الدفاع عن النفس و لكن الإحساس بالثقة كما أنها تساعد على تخفيف الوزن و بالتالي تحسن الصورة السلبية على النفس.
كما لابد من الجلوس مع الطفل و العمل على إعادة الثقة في النفس بجعله يتكلم عن نفسه و طموحاته و كيف يمكنه أن يحقق ذلك.
أما بالنسبة للسلوكيات السلبية فيمكن أن يساعد المعالج السلوكي كما أن التغيير في نمط الحياة يؤدي إلى التخلص من السلوكيات السلبية بالتدريج.
كما لابد للطفل من التسلح بالمعرفة و مضار العادة السرية سواء من الناحية النفسية أو الناحية العضوية ، و معرفة الحلال و الحرام و التأكيد على الجانب الديني و الالتزام و المحافظة على الطاعات و الصلاة في المساجد برفقة شخص أكبر سناً فى البداية للمساعدة إلى أن تعاد الثقة في النفس بالتدريج.
كما لابد من العمل على تنظيم التغذية ، فزيادة الوزن لا تمنع من وجود نقص في بعض المواد الغذائية التي يؤدي نقصانها إلى وجود بعض السلوكيات السلبية أو ضعف التحصيل الدراسي.
و يمكننى عرض بعض خطوات العلاج التى تنقسم إلى قسمين:
➀ قسم يحتاج إلى علاج الشعور الداخل النفسي لأخيك.
➁ و قسم يتعلق بالعلاج السلوكي الظاهري.
☜ فالقسم الأول يحتاج منك أنت خاصة - أخته المقربة التى يفضفض معها - أن تكوني قريبة منه و ذلك بأن تعطيه فكرة واضحة عن معنى الرجولة و معنى أن يكون هو رجلاً يطلب أخلاق الرجال ، و يوصل إليه هذا الكلام بأسلوب يفهمه ، فليس المطلوب منه أن يكون رجلاً بالفعل بعقله و فهمه فإن هذا لا يتناسب مع سنه ، و لكن ينبغي أن يقاد إلى النظر إلى الرجال ، بحيث ينظر إليهم أنهم هم قدوته و أنهم هم الذين ينبغي أن يتخلق بأخلاقهم ، و لذلك لابد أن توضع أمامه القدوة الصالحة ، فإن وجد بعض أقاربه الصالحين الذين يمكن أن يختلط بهم و أن يحتك بهم فهذا هو الأفضل و الأكمل ، لاسيما إن كان الوالد نفسه هو القادر على هذا كأن يكون مصطحبًا إياه إلى المسجد فيأخذه معه إلى الصلوات ، فهذا أمر منوط بعنق والدك ، فلابد أن يعود ولده على الصلاح و على الدين ، لأنه بذلك تنمو لديه شخصيته و ينمو إليه الثقة بنفسه ، و يشعر أنه رجل عندما يقف في الصف مع الرجال و يتخلق بأخلاقهم.
مضافاً إلى هذا أن تنتقوا له الملابس التي تليق بالشباب من أمثاله ، فيبعد عن أي ملابس تكون مزكرشة بالألوان التي تناسب الإناث أو التي تناسب الأطفال الصغار ، و لكن يعطى من الملابس التي تجعله يشعر نفسه رجلاً و شابًا عاقلاً ، فللباس تأثير بالغ في النفس و ينعكس الأثر ظهورًا على النفس بالاستدامة و ذلك بأن يستديم هذا النوع من اللباس ، و المقصود أن يكون اللباس لباسًا رجوليًا يظهر فيه أثره على نفسه.
مضافًا إلى ذلك تنمية معارفه ، فمثلاً لابد أن يشعر أنه صاحب فهم و صاحب علم و قادرٌ على أن يتكلم في أمور كثيرة ، فإذا جلس في مجلس لأطفال قريبين من سنه استطاع أن يتكلم معهم و أن يجاريه في أفكارهم و في كلامهم بل و أن يفوقهم في ذلك ، فالتنمية المعرفية لديه مطلوبة في هذا الباب و هي تنمي شخصيته.
و أيضًا التشجيع فالمطلوب منكم أن تشجعوه بأن يكون له شعور بأن لديه قدرة على قيادة الأمور و تدبيرها ، فمثلاً من الأساليب الحسنة أن يخرج معك مثلاً لذهاب شراء بعض الحاجيات و تصطحيبنه أنت وحدك لأن قصدك أن تدربيه على هذا الأمر و تشعرينه أنه هو الرجل الذي ينبغي أن يتصرف ، فمثلاً إذا جاء وقت دفع ثمن الحاجيات التي اشتريتها فطلبت منه أن يقوم هو بذلك لأنه هو الرجل الذي يقوم بالتصرف ، و كذلك لو وجد رجل بائع فتطلبين منه أن يخاطبه و أن يسأله و نحو ذلك من الكلام فيشعر أنه هو الرجل و أنه الذي يحوط أخته بالحماية و كأنه هو الذي يحميك.
فبهذا الأسلوب تنمين لديه القدرات الاجتماعية و القدرات النفسية و يتدرج حتى يصل إلى مرحلة الثقة في النفس ، و قد أشرنا إشارات في هذا و أنت تستطيعين أن تبني عليها بناء حسنًا وطيدًا بإذن الله عز و جل.
☜ و أما عن مشكلة الاستمناء فإنها مشكلة ليست بالهينة لأنها تقود إلى أشياء كثيرة ، فهي تقود إلى إدمان المشاهد المحرمة و الأفلام الجنسية و المشاهد الخليعة ، بل ربما قادت إلى أن ينظر إلى أخواته ، بل إن كثيرًا من الشباب - و هذا ينبغي أن تعرفيه - الذين يقع منهم هذه العادة يستحضرون المشاهد الحية أكثر مما يستحضرون المشاهد المرئية في الشاشات ، فيستحضر صورة أخته ربما أكثر مما يستحضر صورة فاجرة من الفاجرات ، و هذا أشرنا إليه لتكوني على علم و على دراية بخطورة الأمر ، لأن الواقع يشهد بشدة خطورة هذا الشأن لاسيما مع وجود الإغراق و الإمعان في هذا النظر في هذه الأفلام التي قد تصل إلى درجة الإدمان.
فالمطلوب منك أن تبيني له الأضرار الشرعية ، و ذلك بأن تبينين له أن هذا العمل من المحرمات و أن الله جل و علا لا يرضى عن هذه الأفعال و لا يحبها و أنه ينبغي له أن يكون الشاب المؤمن و أن يراقب الله و أنه عندما يخلو بنفسه لابد أن يستحضر أن الله يراه.
مضافًا إلى ذلك حتى يكون على دراية بأنه إن استمر على هذه العادة فلربما تأثر صحياً و حصل له أضرار تتعلق بالاحتقان في البروستاتا ، و ربما بالتأثر بهذه العادة حتى يصل إلى حالة غير طبيعية عند الزواج - كما هو معلوم في هذا - فلابد من إفهامه بالطريق الواضح و في نفس الوقت لابد أن يفهمه و يستطيع أن يدركه.
و من هذا أيضًا الحرص على مراقبته في أثناء تعامله مع الإنترنت ، فلا ينبغي منكم أبدًا أن تفتحوا المجال كما ينبغي لينظر إلى هذه الأفلام الساقطة و هذه المشاهد الخليعة ، فإن هذا واجب عليكم شرعًا و لا يحل لكم أن تتركوه على هذه الحالة ، و إنما ينظر إلى البرامج التي تشرفون عليها و التي تعرفون صلاحها ، فإنه لا يمكن لكم ضبطه حق الضبط إلا بذلك ، و أما أن يترك بمجرد أن يوعظ و بمجرد أن ينصح فهذا لا ينبغي بحالٍ من الأحوال لأنه لم يتعظ في الغالب لقلة فهمه و لأنه ربما لم يصل إلى سن التكليف و كذلك نقص الإدراك الذي لديه.
مضافًا إلى هذا أيضًا فلابد من أن يكون هنالك نوع من الاختلاط الذي يختلطه بالأطفال الصالحين الذين في سنه ، كأن يكون له حلقة تجويد لكتاب الله في المسجد يلتزم بها ، و هذا واجب والدك أن يقوم بإلزامه بذلك و أن يبدأ بترغيبه أولاً و بمكافئته على ذلك و أن يأمره أمرًا بلزوم هذه الحلقة و كذلك بصلاة الجماعة ، و كذلك بالمشاركة في الأنشطة الجماعية المفيدة التي توجد في المراكز الإسلامية و نحوها ، و أيضًا كذلك التدريب الرياضي الذي لابد أن يوضع له نظام حتى يستطيع أن ينقص من وزنه ، مضافًا إلى ذلك النظام الغذائي لأن ذلك كله يعينه على أن يكتسب الشخصية الحسنة و الواثقة أيضًا ، فهذه أمور لابد من العمل بها و لابد من أن تشركي والديك إذا كانا متفهمين لمثل هذه الأمور حتى يدركا خطورة الوضع و طبيعته ، و لا مانع من أن تطلعيهم على الاستشارة من أصلها إذا كان ذلك ممكناً و لا يسبب أي إشكال لك.